عمر ذاك الطفل الذي كان يزاحمني على حضن أمي التي كانت تحبه كحبها ﻷطفالها الذين عادوا إلى حضنها مجددا بعد أن حرمهم أبوهم منه ، حيث تحفظ عليهم في بيته الذي تقطنه زوجته الظالمة .
عمر ذاك الطفل الشقي الذي يضربه جده حبا كلما أثار صوتا أو كسر صحنا ، فقد ترعرع عمر في بيت ريفي بسيط برعاية والد يعمل على شاحنته الصغيرة ، فيجوب طرقات البلدة وينادي ( ريان أسود ريان بلدية البطاطا) ليتعلم أطفاله في مدارس أضحت تبنى بدل معامل الإسمنت في البلدة .
اجتاز عمر المرحلة الابتدائية مسجلا خمس وسبعون مشكلة مع أبناء المدرسة ناهيك عن مشاجراته معي تارة و ضد أطفال جيراننا تارة أخرى ، حيث كان له الدور الكبير في الجري وراء المدبرين منهم ورمي العصاة النحيلة بين أقدام الخصم ليرمه متعثرا يعود إلى أهله مهشم الشكل مهترئ الثياب شاكيا إليهم ضرب عمر مصطحبا أبوه لأبي عمر يشكونه عن فعلة ولده .
يطرق الباب ويفتح عمر مواجها أنا من ضربت ابنك لانه شتمني ولسانه جرحني ( نحن منضرب عمي بس مربايين ومامنحكي كلام بذي ) .
وكما كل مرة لايفتئ من انتهاء الكلام إلا وبصرخة أبيه (خراس ياولد......تفضلوا عمي أبو محمود )
جملة يكررها دائما مع جميع الطارقين مرفقة بصفعة وجه عمر الذي استقبل ضيوفه بتلك الطريقة
ليحسن بعدها أبوه استقبالهم وحسن ضيافتهم مع اعتذارات عن تصرفات ولده الذي كان يبكي حسرة أنه رد أذية لسان جيرانه وأنه صاحب الحق .
يهدأ بعدها عمر ولكن شحناته وحرارة دمه لاتتركه لطيفا فإنه صاحب الصوت الشدي والماهر المقلد لبائع المازوت الذي اعتاد جدي ان يهرع مسرعا عندما يسمع صوته ليملأ خزان البيت مؤنة للشتاء ولكن ياجدي إنه عمر ليس حسون الديزل المنتظر .
ويربط عمر من جديد بحبل وثيق صعب عنيد
فجدي الوحيد الذي كان يضحك في كل مقلب يدبره عمر الفريد ، فكان يضربه وهو جدا سعيد لأنه كان يرى فيه البطل المقدام الوحيد ....لقد جاء العيد
وتسلحت وعمر من جديد بأسلحتنا الفردية المصنوعة من الشمع لا من الحديد لنذهب إلى خصومنا نقتحمهم بسعادة مع أننا في الصباح قابلناهم وعايدناهم بحلاوة ولكن لكل أناس مشربهم فيبقوا الفريق المقابل دوما .
ونبقى نأكل نصيبنا بعد كل مشكلة نثيرها ويكون شرارتها عمر فتلك الطفولة بالمختصر .
بدأ الجد والعمل وترك المدرسة والعلم الذي تعارض مع أفكاره بجمع المال وكسب القدرات الفنية بالنقش على النحاس وصنع الثريات السقفية والأشكال الهندسية ببراعة واتقان تصطحبه الخبرة التراثية التي اكتسبها من ورشة كانت قد عشقت الفرقة الحزبية والاجتماعات البعثية دون اكتراث عمر او احد من أهل الحمية فلم يك منا من يفكر بثورة ولا مقارنات طائفية .
استمر عمر في العمل ليزداد خبرة واتساعا في الاجرة التي فاقت كسب أمثاله وما إن اقترب من نشوة الانتصار المادي حتى نادى المنادي ياثورة العز انهضي "فترجل فارس السلام وصدح بصوته نعم ﻹسقاط النظام " ، و قاد مظاهرات تحمل أغصان الزيتون وتصرخ دم المسلم على المسلم حرام
وأذناب البعث يقتلون ويعتقلون ويداهمون البيوت يسوقون أبناءها لخدمة العلم الذي نكسه بائع الجولان المسمى زورا وبهتانا بالأسد وترك عمر البلد وغدا سجينا في جيش الأسد ولكنه يبقى ابن البلد الذي شتم عدوه الأسد وسجن وعذب حتى انهار الجسد ونقل إلى مشفى سميت باسم الأسد وربت في قلبه الحقد على الوالد والولد ليهرب منها ويعلن انشقاقه عن جيش الأسد والتحاقه بثوار البلد .
قرر عمر حمل السلاح بالإضافة إلى صوته الشجي الذي يصدح في التظاهرات السلمية فلطالما غنى للحرية ولطالما نشد للكرامة حيث أنه كان يترك رفاقه المسلحين يوم الجمعة فقط ليهتف فقط ليصرخ " الله أكبر يايما عليهم قتلو الشهيد يايامو بإيديهم " .
مضى على ذلك سنتين وعمر يهتف ويقاتل وبندقيته يغازل و يعشق صوت الرصاص ويهوى صوت الغناء حتى أذن القضاء وأصيب عمر في عملية تسلل على مواقع النظام لتأتي الطلقة الأخيرة تستقر برأسه ويسقط عمر جريحا ويسعفه رفاقه ليبقى ثمان ليال يصارع الموت حتى رحل في مارس 2013 وقبيل عيد الثورة بيوم لم يغني عمر في عيدها بل هتفنا له في وقفة عيد الكرامة :
"عمر يارايح رايح على الجنة والنصر جاية جاية بعون الله"
مات عمر ولم تمت الثورة رحل صوته وصعدت أصوات بعده ولم تتوقف بندقيته إلى الآن ، عما كانت عليه في عهد عمر .
تقرير : سيفو العكر
عمر ذاك الطفل الشقي الذي يضربه جده حبا كلما أثار صوتا أو كسر صحنا ، فقد ترعرع عمر في بيت ريفي بسيط برعاية والد يعمل على شاحنته الصغيرة ، فيجوب طرقات البلدة وينادي ( ريان أسود ريان بلدية البطاطا) ليتعلم أطفاله في مدارس أضحت تبنى بدل معامل الإسمنت في البلدة .
اجتاز عمر المرحلة الابتدائية مسجلا خمس وسبعون مشكلة مع أبناء المدرسة ناهيك عن مشاجراته معي تارة و ضد أطفال جيراننا تارة أخرى ، حيث كان له الدور الكبير في الجري وراء المدبرين منهم ورمي العصاة النحيلة بين أقدام الخصم ليرمه متعثرا يعود إلى أهله مهشم الشكل مهترئ الثياب شاكيا إليهم ضرب عمر مصطحبا أبوه لأبي عمر يشكونه عن فعلة ولده .
يطرق الباب ويفتح عمر مواجها أنا من ضربت ابنك لانه شتمني ولسانه جرحني ( نحن منضرب عمي بس مربايين ومامنحكي كلام بذي ) .
وكما كل مرة لايفتئ من انتهاء الكلام إلا وبصرخة أبيه (خراس ياولد......تفضلوا عمي أبو محمود )
جملة يكررها دائما مع جميع الطارقين مرفقة بصفعة وجه عمر الذي استقبل ضيوفه بتلك الطريقة
ليحسن بعدها أبوه استقبالهم وحسن ضيافتهم مع اعتذارات عن تصرفات ولده الذي كان يبكي حسرة أنه رد أذية لسان جيرانه وأنه صاحب الحق .
يهدأ بعدها عمر ولكن شحناته وحرارة دمه لاتتركه لطيفا فإنه صاحب الصوت الشدي والماهر المقلد لبائع المازوت الذي اعتاد جدي ان يهرع مسرعا عندما يسمع صوته ليملأ خزان البيت مؤنة للشتاء ولكن ياجدي إنه عمر ليس حسون الديزل المنتظر .
ويربط عمر من جديد بحبل وثيق صعب عنيد
فجدي الوحيد الذي كان يضحك في كل مقلب يدبره عمر الفريد ، فكان يضربه وهو جدا سعيد لأنه كان يرى فيه البطل المقدام الوحيد ....لقد جاء العيد
وتسلحت وعمر من جديد بأسلحتنا الفردية المصنوعة من الشمع لا من الحديد لنذهب إلى خصومنا نقتحمهم بسعادة مع أننا في الصباح قابلناهم وعايدناهم بحلاوة ولكن لكل أناس مشربهم فيبقوا الفريق المقابل دوما .
ونبقى نأكل نصيبنا بعد كل مشكلة نثيرها ويكون شرارتها عمر فتلك الطفولة بالمختصر .
بدأ الجد والعمل وترك المدرسة والعلم الذي تعارض مع أفكاره بجمع المال وكسب القدرات الفنية بالنقش على النحاس وصنع الثريات السقفية والأشكال الهندسية ببراعة واتقان تصطحبه الخبرة التراثية التي اكتسبها من ورشة كانت قد عشقت الفرقة الحزبية والاجتماعات البعثية دون اكتراث عمر او احد من أهل الحمية فلم يك منا من يفكر بثورة ولا مقارنات طائفية .
استمر عمر في العمل ليزداد خبرة واتساعا في الاجرة التي فاقت كسب أمثاله وما إن اقترب من نشوة الانتصار المادي حتى نادى المنادي ياثورة العز انهضي "فترجل فارس السلام وصدح بصوته نعم ﻹسقاط النظام " ، و قاد مظاهرات تحمل أغصان الزيتون وتصرخ دم المسلم على المسلم حرام
وأذناب البعث يقتلون ويعتقلون ويداهمون البيوت يسوقون أبناءها لخدمة العلم الذي نكسه بائع الجولان المسمى زورا وبهتانا بالأسد وترك عمر البلد وغدا سجينا في جيش الأسد ولكنه يبقى ابن البلد الذي شتم عدوه الأسد وسجن وعذب حتى انهار الجسد ونقل إلى مشفى سميت باسم الأسد وربت في قلبه الحقد على الوالد والولد ليهرب منها ويعلن انشقاقه عن جيش الأسد والتحاقه بثوار البلد .
قرر عمر حمل السلاح بالإضافة إلى صوته الشجي الذي يصدح في التظاهرات السلمية فلطالما غنى للحرية ولطالما نشد للكرامة حيث أنه كان يترك رفاقه المسلحين يوم الجمعة فقط ليهتف فقط ليصرخ " الله أكبر يايما عليهم قتلو الشهيد يايامو بإيديهم " .
مضى على ذلك سنتين وعمر يهتف ويقاتل وبندقيته يغازل و يعشق صوت الرصاص ويهوى صوت الغناء حتى أذن القضاء وأصيب عمر في عملية تسلل على مواقع النظام لتأتي الطلقة الأخيرة تستقر برأسه ويسقط عمر جريحا ويسعفه رفاقه ليبقى ثمان ليال يصارع الموت حتى رحل في مارس 2013 وقبيل عيد الثورة بيوم لم يغني عمر في عيدها بل هتفنا له في وقفة عيد الكرامة :
"عمر يارايح رايح على الجنة والنصر جاية جاية بعون الله"
مات عمر ولم تمت الثورة رحل صوته وصعدت أصوات بعده ولم تتوقف بندقيته إلى الآن ، عما كانت عليه في عهد عمر .
تقرير : سيفو العكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق