الاثنين، 1 يناير 2018

« محافظة إدلب في 2017 ، ما بين أزمات المجازر و المهجرين »…..

عاشت محافظة ادلب خلال عام 2017 اياما عصيبة ، حملت في طياتها الكثير من الملفات و المصاعب التي اثقلت كاهلها ، و كانت عبئا على ثوارها ، و ألما و مأساة على اهلها ، بداية بالمجازر التي خلفها قصف النظام ، و صولا الى قوافل المهجرين التي غصت بها اريافها .

حيث سجلت المحافظة خلال عام 2017 أكثر من 1440 شهيداً جراء القصف الجوي و المدفعي من قبل النظام و روسيا، بينهم 240 طفلاً، و145 امرأة، بالاضافة لأكثر من 44 مجزرة، أبرزها و أشنعها مجزرة الكيماوي في خان شيخون ، بالاضافة لمجزرة أرمناز ومجزرة كفرتخاريم ومجزرة جامع الروضة في سلقين ومجزرة جرجناز ومجزرة جسر الشغور ومجزرة مدينة إدلب.

بدأت محافظة ادلب عام 2017 و كباقي المناطق المحررة في سوريا ، إتفاقا دوليا لوقف اطلاق النار ، بين الثوار و النظام ، و لكنها سجلت عشرات الخروقات التي تعود النظام على ممارستها في كل اتفاق ، من حمم الطائرات و المدافع .

كما ان طائرات الاستطلاع التابعة للنظام من جهة ، و للتحالف الدولي من جهة ثانية ، غزت سماء المحافظة في الاشهر الاولى من العام 2017، لتأتي مسيرة الاغتيالات التي نفذتها طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، و التي اغتالت فيها العديد من القيادات و العناصر التابعة لهيئة تحرير الشام ، بحجة محاربتها للارهاب ، حيث شهدت الاشهر الثلاثة الاولى من العام عدة ضربات موجهة لعناصر و مقرات الهيئة .

بالتزامن مع ذلك ، كان النظام يستفحل في خروقاته لوقف اطلاق النار ، و يقوم باستهداف المدنيين الآمنين و على مرآى من العالم اجمع ، وسط صمت دولي و اقليمي ، ما شجعه على الاستمرار و ارتكاب المجازر ، لتقوم قوات النظام و حليفتها روسيا بأكثر من 15 مجزرة بحق المدنيين، كان أبرزها مجزرة الكيماوي في الرابع من شهر نيسان في مدينة خان شيخون التي أزهقت أرواح أكثر من 90 مديناً خنقاً وإصابة أكثر من 400 آخرين، الأمر الذي شكل سابقة في تاريخ المحافظة خلال أعوام الثورة ، لفظاعتها و شناعتها .

عند توقيع اتفاقيات خفض التصعيد في أستانا بين الدول الضامنة " تركيا و روسيا و ايران" ، و شمولها لمحافظة ادلب بداية شهر ايار ، إستبشر اهلها خيرا ، و خصوصا مع توقف الطيران الحربي في سمائها ، فبدأ الاهالي يعودون لحياتهم الطبيعية ، بالاضافة لعودة المهجرين الذين دمر القصف بيوتهم ، ليعيدو ترميم بيوتهم و قراهم .

بقيت هذه الحالة سائدة في محافظة ادلب و ريفها لعدة شهور ، إلا ان النظام و حليفه الروسي لم يرق لهم ذلك الهدوء و الالتزام بالهدنة ، لان نظامهم بني على القمع و الاجرام ، حيث قامت الطائرات الحربية السورية و الروسية في شهر أيلول ، بحملة قصف همجية و عنيفة على ريفي ادلب الجنوبي و الشرقي ، لتتوسع لاحقا و تصل الريف الشمالي ، لتسفر عن وقوع العشرات من الضحايا المدنيين ، و ليتركز اجرام النظام و روسيا على المشافي الميدانية و مراكز الدفاع المدني ، فطال القصف كلا من "مشفى الرحمة، مشفى كفرنبل الجراحي، مشفى حاس، مشفى الرحمن الخيري بالتح، منظومة شامنا"، بالاضافة لمراكز الدفاع المدني في كفرنبل والتمانعة، ناهيك عن استهداف مقرات الثوار و هيئة تحرير الشام ، لتستمر الحملة عدة ايام نفذ الطيران فيها اكثر من 700 غارة جوية ، ازهقت ارواح اكثر من 130 مدنيا ، ناهيك عن عشرات الشهداء من الثوار و الهيئة .

في حين ، بدأت القوات التركية في شهر تشرين الأول ، بالدخول الى الاراضي السورية المحررة تطبيقا لمقررات اتفاق خفض التصعيد، لتنتشر بعدها على حدود منطقة عفرين من ريف حلب الغربي حتى منطقة صلوة بريف إدلب الشمالي.

أما بالنسبة لقوافل المهجرين ، فقد استقبلت المحافظة في عام 2017 مئات الآلاف من العائلات ان كانت ممن هجرها النظام قسرا ،او باتفاقيات دولية ، لتصبح المحافظة من اكثر المناطق السورية اكتظاظا بالسكان ، ما شكل أزمة انسانية كبيرة .

بدأت ادلب عامها باستقبال عشرات الآلاف من اهالي الاحياء الشرقية لمدينة حلب ، و الذين عانوا من ويلات الموت جوعا و قصفا ، ليتابع النظام مسلسل التهجير الذي شمل عدة مناطق سورية ، أبرزها داريا و المعضمية و الوعر و القلمون الغربي و حيي تشرين و المزة قرى وادي بردى ، وصولا الى مهجري الغوطة الغربية .

حيث وصل للمحافظة خلال العام 2017 حوالي 14 ألف عائلة من بلدة عقيربات بريف حماة فروا جميعهم إلى مناطق ريف إدلب من قصف طائرات النظام وحليفه الروسي إضافة إلى طائرات التحالف، وستة آلاف عائلة من منطقة ريف دمشق إضافة إلى خمسة آلاف عائلة من منطقة عرسال، بينما وصلت أكثر من 9 آلاف عائلة من العراق وتوزعوا ضمن مناطق مختلفة بريف إدلب جميعهم دخلوا عن طريق مناطق الأكراد كمدينة عفرين والقرى المجاورة لها، بالاضافة لوصول أكثر من 30 ألف شخص قادمين من محافظات دير الزور والرقة، كما وصل عدد المهجرين من مناطق ريف حلب الجنوبي إلى إدلب أكثر من 30 ألف عائلة .
فيما تشهد المحافظة خلال الايام الاخيرة من العام ، حملة قصف جوية و مدفعية هستيرية تقوم بها قوات النظام ، مدعومة بالميليشيات الاجنبية و الطيران الروسي الضامن للهدنة ، لتسجل مناطق المحافظة المحررة و بالأخص الريف الجنوبي و الشرقي عشرات الغارات الجوية يوميا ، ناهيك عن مئات القذائف المدفعية ، و يأتي ذلك بهدف التقدم بالمنطقة من ريفي حماة و حلب للوصول الى مطار ابو الظهور العسكري بريف ادلب الشرقي ، ما شكل أزمة انسانية كبيرة في محافظة ادلب ، بسبب نزوح آلاف العائلات من الريفين الجنوبي و الشرقي الى باقي مناطق المحافظة .

تقرير : أبو محمد الحمصي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق