الأحد، 12 فبراير 2017

الصناعات الحرفية السورية في طريقها للضياع

لم تقتصر آثار الحرب في سوريا قبل خمسة سنين على الخسائر البشرية والإجتماعية فحسب، وإنما طالت صناعات سورية اشتهرت بها على مر العصور، مثل الزجاج والنحاسيات والنسيج وغيرها.

الضرر الذي أصاب الحرف اليدوية تجاوز نسبة 85% نتيجة الحرب وتداعياتها، لأسباب عديدة أبرزها، تراجع الطلب على المنتجات بعد شلل قطاع السياحة الذي كان يمثل السوق الكبير لتصريفها، إضافة إلى عزوف الأهالي عن شرائها بسبب ارتفاع أسعارها لأرقام قياسية بعد ارتفاع تكاليفها، والمدخول المحدود الذي لايكفي لقوت يومهم.

ومن أبرز الأسباب الرئيسية التي أثرت في تراجع هذه الصناعات تقاعد الكثير من العاملين، وهجرة العاملين الحرفيين إلى دول أخرى،  بعد تقديم عروض مغرية لهم عقب خسارتهم أغلب ورشهم نتيجة الحرب.

ومن أشهر الصناعات التي تراجع إنتاجها هي ذهب حلب الأخضر، الصابون الحلبي ويعتبر من أقدم أنواع الصابون على الإطلاق، وانتشر بشكل واسع في أنحاء العالم كافة، نظرًا لإحتوائه على زيوت نباتية ومواد طبيعية  لها فوائد على البشرة.

وأيضاً من أشهر الصناعات اليدوية التي بدأت بالإختفاء تدريجياً هي المنسوجات اليدوية السورية، وتمتد جذورها إلى حقب تاريخية تقدر بآلاف السنين، إذ يُعتقد أن سوريا هي الموطن الأول والأقدم لهذه الصناعة في العالم، ويزيد أنواع المنسوجات اليدوية على 100 نوع، ولكل نوع ما يزيد على 20 صنفًا، كالبروكار والدامسكو (نسبة إلى دمشق)، والأغباني.

ولم يكن قطاع النحاسيات بأفضل حال من سابقيه، فشهد في السنوات الماضية تراجعًا كبيرًا نتيجة تقاعد الكثير من العاملين في المهنة، القطاع التي اشتهرت به سوريا على مدار التاريخ، دخل دائرة الإنقراض كذلك بسبب ارتفاع الأسعار.

والموزاييك الدمشقي ويعتبر من أقدم المهن العريقة التي اشتهرت بها مدينة دمشق، وهو فن تطعيم الخشب بالصدَف أو ما يسمى الموزاييك، هذه الصناعة لاقت تراجعًا كبيرًا خلال السنوات الخمس الماضية نتيجة عدم تصريف منتجاتها وارتفاع أسعارها.
كما اشتهرت مدينة دمشق بتصنيع الزجاجيات منذ آلاف السنين، حتى صارت مضرب الأمثال فيقال “أرق من زجاج الشام”، الزجاج المعشق واحدة من أقدم الحرف الدمشقية ويرجع تاريخ نشأتها إلى 2000 عام، وجاءت تسميتها بالمعشق من ترابط مادة الجص مع الزجاج، ووصف هذا الترابط بالعشق نظرًا للتماسك والتناغم بين الألوان والجص أيضاً في طريقها للإندثار والضياع. 

اليوم أصبح تاريخ سوريا التراثي مهدد بالضياع والإنقراض، ما لم تضع الحرب أوزارها ونستعيد بريق هذه الصناعات التي تحكي قصة آلاف السنين في سوريا. 

        تقرير : منى معراوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق