الأحد، 22 أكتوبر 2017

شبح الحصار يقتل الأطفال.

سحر طفلة رضيعة ولدت في السجن الكبير الذي لايستطيع قسم النساء أن يخرجن فيه للتنفس كي يعرضوا أنفسهن لأشعة الشمس، ففي قسم التنفس قذائف من نار ترميها قوات الأسد هناك.

إنها الغوطة الشرقية سجن أغلق بابه منذ أربع سنوات لايفتح إلا بعد دفع الأتاوه القسرية لعصابات الإجرام البعثية، فلا دواء كاف، ولا غذاء واف يدخل إلى السجناء.

حملت أم سحر بابنتها داخل زنزانتها في بلدة كفربطنا غذاؤها قليل، وصبرها طويل لاتقوى على استنشاق العليل حيث المداخن وروائح مخلفاتها والهواء الذي امتزج بنفايات تحرق لاستخراج بديل يوفر حاجة البقية من المحروقات (البديلة)
تدخل تلك الأم شهرها الرابع ليشتد الحصار حصارا، وتزيد الأبواب أقفالا، وتخفى البضائع من أسواق كانت فيها كالأتلال ليقف المحتاجون يحلمون فيها كواقف على الأطلال
تمر الأيام، والشهور لتولد  سحر في أقسى أزمنة العصور عصر الحرب، والدمار، واختلاط الدماء بالعطور، واختفاء العاشقين عن شم الزهور.

جاءت تحمل معها مرضها الذي سببه نقص الغذاء أثناء فترة الحمل، وقلة الدواء اللازم قبل، وبعد الوضع لتستمر معاناتها بعد مجيئها إلى تلك الحياة القاسية التي خلت من أبسط متطلباتها، وهو حليب الأطفال اللذي يتوفر فقط لأصحاب القامات الرفيعة، والمناصب العلية فإما يشترونه بالمال الوفير، أو يسلبونه من حصة الفقير.

عاشت سحر أربع وثلاثون يوما، شاء القدر أن يأخذها بعدهم إلى حياة مختلفة حيث الأزهار، والرياحين حيث الأصحاب الغر الميامين.

حلقت سحر اليوم إلى الجنة لتكون عصفورة تزقزق لأهلها في اليوم الموعود، فليست هي الوحيدة من أبناء السوريين الذين قضوا جوعا، أو قصفا، أو غرقا، فبالأمس عبيدة، واليوم سحر، وقبلهم الكثيرون شكلوا أسرابا في حياة الخلود.


تقرير: سيفو العكر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق