الأحد، 16 أكتوبر 2016

رحلة البحث عن وسائل بديلة للتدفئة في مواجهة الشتاء القادم

أيام قليلة تفصل عموم سوريا عن دخول فصل الشتاء، هذا الفصل الذي بات يشكل كابوساً للكثير من سكان المناطق المحاصرة الخارجة عن سيطرة قوات النظام،  فبعدما كان ينتظر الأهالي من مزارعين وعمال حرفيين قدوم فصل الخير والأمطار من أجل الإستفادة من أمطاره الوفيرة من خلال استغلالها بالمحصولات الزراعية والنهضة العمرانية التي كانت عادةً ما تسبق هذا الفصل، بات عليهم كالكابوس لعدم توفر مواد التدفئة وحالة البطالة المطبقة التي يعانون منها بشكل كبير، فوسائل التدفئة الطبيعية شبه معدومة في كثيرٍ من المناطق مع قدوم فصل البرد والثلوج الذي لن يرى الكثير من السوريين منه دفئًا إلا النيران المنبعثة من الصواريخ والقذائف التي تنهال عليهم بشكل يومي.

التحضيرات لفصل الشتاء والإعتناء بطقوسه من أكثر ما يهم المواطن الآن، حيث يعمل على تأمين المحروقات أو الحطب وتهيئة نفسه لجو جديد.. إن أكثر ما يؤرق سكان المناطق المحررة حاليًا –على وجه التحديد- ويقض مضاجعهم هو التفكير بفصل الشتاء وماذا جهّز وحضر وكيف سيحمي أطفاله من قسوة هذا الفصل الطويل مع انعدام تام لوسائل التدفئة التي لم يعد يستطيع تأمينها إلا الغني المقتدر هذا إن توفّرت ووجدت.

أي منزل يحتاج إلى خمسة براميل من المحروقات أو خمسة أطنان من الحطب أو ما يجاريه لتوفير التدفئة لسكانه، ولكن الإرتفاع الجنوني في أسعار مواد التدفئة يعمق الأزمة، إذ يتراوح سعر برميل المازوت في محافظة إدلب بين الـ 60 والـ 70 ألف ليرة سورية أما طن الحطب فقد وصل إلى القيمة ذاتها التي وصلت إليها المحروقات، أي أن الأسرة تحتاج خلال فصل الشتاء إلى أكثر من ثلاثمئة ألف ليرة لتغطية مصروف وسائل التدفئة فقط، وهذا ليس بالرقم السهل على سكان المناطق المحررة التي بات معظمهم من أصحاب الدخل المحدود أو المعدوم إن صحّ التعبير.

إن موضوع ارتفاع الأسعار وجنونها مع بداية فصل الشتاء بات من الأمور البديهية التي تحدث كل عام، كما أن انقطاع المحروقات عن المناطق المحررة لشهور متتالية بات أمراً كثير الحصول ما دفع الكثيرين ممن لا يملك توفير مواد التدفئة إلى الإستعاضة بأمور أخرى، لتجميع العيدان الصغيرة خلال فصل الصيف أو بقايا الثياب المهترئة وعجلات السيارات والقطع البلاستيكي،ة التي لا توفر الدفء بالقدر المطلوب بقدر ما تسبب الأمراض.

يقول الشاب خالد (أحد سكان ريف إدلب الجنوبي): الكل يعلم كم تكلفة سعر المحروقات أو الحطب أو أي وسيلة تدفئة أخرى، وأنا عامل عادي أعمل يومًا وأجلس أيامًا، وإن شراء هذه المواد أستعيض بها في إطعام أطفالي عاماً كاملاً، لذلك نقوم في فصل الصيف بجمع أي شيء يتوفر لحرقه في مدفأة الحطب وحماية الأطفال من البرد، كالعيدان والعجلات المهترئة أو أي قطعة ألبسة بالية، وكثيراً ما يتعرض الأطفال خلال فصل الشتاء للأمراض جراء الروائح المنبعثة منها، إلا أن البرد لا يمكن أن يقاوم أيضاً.. ابنتي الصغيرة أصيبت العام الماضي بالربو حيث كان عمرها تسعة أشهر حينها، ولم تحتمل روائح البلاستيك، وطوال فصل الصيف ونحن نقوم بعمل جلسات رذاذ لها وإعطائها الأدوية ولا زالت حتى الآن مصابة بالمرض".

بدوره تحدث أيمن رب أسرة مؤلفة من 5 أشخاص بأن فصل الشتاء كلما اقترب كلما زادت الحيرة في نفسه فهو لا يستطيع تأمين مادة المازوت التي وصل سعر اللتر الواحد إلى ما يقارب 500 ل.س فيما وصل سعر طن الحطب لـ 80 ألف ل.س. أضاف أيمن: كنا في السنوات الماضية نعمل على اقتطاع الأشجار من الحدائق العامة ومن على طريق الأوتوستراد لعدم قدرتي على شرائه وحال الكثيرون مثلي، ولكن مع زيادة الطلب عليه جردت المدينة من غطائها الأخضر منذ عامين،ولم تقف الأمور على هذا الحد، بل عمد الكثير من أصحاب البساتين على قطع الأشجار المثمرة من أراضيهم "لوز زيتون جوز وحتى الكرمة" من أجل التدفئة عليها وبيع قسم أخر ليعينهم على قسوة فصل الشتاء.

فيما تتوجه الأنظار من قبل العديد من الأهالي هذا الموسم إلى شراء مادة "التمز" وهي عصارة الزيتون يستخرج بعد عصره من أوراق الشجر وبذوره المطحونة ليصار الى تنشيفها و من ثم بيعها للأهالي.

وقد لاقت قبول بشكل نسبي نظراً لسعرها المتدني إذا ما قورنت بالمحروقات أو بالحطب حيث سجل سعر الطن الواحد لهاذا العام 65 ألف ل.س.

فهل تنتهي دوامة معاناة السوريين كل عام بدخول فصل الخير على بلدنا أم تستمر سنوات أخرى؟!.. 

          تقرير :عصام المهندس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق