السبت، 1 أكتوبر 2016

معرة النعمان.. حين يواعد الدمار التاريخ

معرة النعمان هي أكبر حواضر ريف إدلب وهي الثانية من ناحية عدد السكان في محافظة إدلب بعد مدينة إدلب، أكسبها موقعها المتوسط على بعد 80 كيلومترا جنوب حلب و60 كيلومتراً إلى الشمال من حماة شهرة وأهمية كبيرة على طريق حلب دمشق.

واشتهرت المعرة  أيضاً بقلعتها وبمساجدها كالمسجد الكبير وخاناتها القديمة كخان مراد باشا وبأسواقها المسقوفة التي تشابه الأسواق القديمة بحلب ودمشق، وتعاقبت على معرة النعمان الحضارات الرومانية والبيزنطية ثم دخلها المسلمون وأخذت شهرة كبيرة في عهد الدولة العباسية،
وفيها ضريح الشاعر والفيلسوف أبي العلاء المعري ضمن قبر متواضع، وفيها صرح علمي كبير هو معهد الإمام النووي الشرعي الذي أسسه الشيخ الراحل أحمد الحصري.

وكانت تعتبر  محطة للقوافل العابرة من حماة إلى حلب ومن منطقة الغاب والبحر إلى بادية الشام وبالعكس، وتعد المعرة من المدن السورية المغرقة بالقدم شهدت أحداثاً كثيرة عبر تاريخها الطويل وحروباً دامية وغزو الآشوريين واليونانيين والبيزنطيين والفرس والرومان، 
وفي العصر الحديث لم تتأخر معرة النعمان في الإلتحاق بركب الثورة حيث سارع أبناء المعرة إلى التظاهر في ال  25 من شهر آذار عام 2011، وسارعت مراكز النظام الأمنية في قمع المظاهرات وتفريقها، بالتزامن مع خروج مظاهرات أخرى في أريافها حيث تم التنسيق بين المتظاهرين على اتخاذ المعرة مركزاً لمظاهراتهم وفي جمعة العشائر في الشهر الثاني للثورة توجه عشرات الآلاف من المتظاهرين ليحتشدوا في المعرة ويطردوا عناصر الأمن من المدينة فأرسل النظام مروحية أطلقت نيران رشاشاتها لتفريق المتظاهرين وكانت هذه المرة الأولى التي يستخدم بها النظام الطيران لتقوم المروحية بعدها بقصف القصر العدلي في المعرة بصاروخين أحرق فيهما السجلات ودمر الجدران.

عندها حشد النظام قواته من حماة إلى المعرة وقطع أوصال المدينة بعشرات الحواجز وعزز من قوته في وادي الضيف ليصبح أكبر معسكرات النظام في الشمال السوري، فحمل الثوار للسلاح وحاولوا في مرات عديدة تخليص المعرة من قوات النظام لكن محاولاتهم باءت بالفشل، عانى أهل المعرة كثيراً من بطش قوات النظام التي كانت تعتقل الناشطين وتنكل بهم وبدأت أزمة النزوح حتى توزع أهالي المعرة على كل مناطق ريف إدلب.

وفي الشهر الثامن من عام 2012 اتحد ثوار المنطقة لتحريرها من قوات النظام فتم لهم ذلك وانحسرت قوات النظام إلى معسكري وادي الضيف والحامدية وهنا بدأت مأساة جديدة فقد وجهت قوات النظام فوهات مدافعها نحو المدينة لتذيق أهلها الويلات وتدمر نسبة كبيرة من أبنيتها حتى بدت المدينة شبه خالية من السكان .

حاول الثوار السيطرة على معسكر وادي الضيف ومعسكر الحامدية الواقع جنوبه مرات عدة  لكن المحاولات جميعا فشلت بسبب الإمدادات التي كانت تصل إلى قوات النظام من حماة فعملت قوات الثوار على قطع طريق الإمداد ليطول الحصار على قوات النظام في المعسكرين قبل أن يسقطا بشكل كامل في شهر كانون الأول عام 2014.

وبعد سيطرة الجيش الحرّ على معرة النعمان، قام النظام بقصف المدينة بالصواريخ وبالطيران الحربي موقعاً عدداً كبيراً من الشهداء، ممّا دفع نسبة كبيرة من أهالي المدينة لمغادرتها خوفاً من انتقام النظام الذي استمر يمطر المدينة بالصواريخ  والبراميل المتفجرة على مدار السنين السابقة موقعاً العديد من المجازر بين صفوف المدنيين الباقين في المدينة، و الذين استمروا في الحياة فيها رغم الظروف الإنسانيّة القاسية. 

حيث يبلغ عدد سكان منطقة المعرة 400 ألف نسمة، وتتبع لمدينة المعرة أكثر من 30 قرية وبلدة، إلا أن الحرب أبعدت نصف سكان المدينة وقراها جراء القصف، وتركز معظمهم في القرى الحدودية والمخيمات، 

قدمت معرة النعمان مالا يقل عن1500 شهيد منذ اندلاع الثورة وحتى الآن ومازال العدد في ازدياد بشكل يومي، حيث يواصل طيران النظام السوري وحليفه الروسي قصف المدينة منذ تحريرها إلى اليوم بشكل شبه يومي بكافة أنواع الصواريخ المتفجرة مخلفاً مزيداً من الشهداء ومزيداً من الدمار، 
ولكن أهالي المدينة عزموا على مواصلة الثورة، وتقديم الغالي والرخيص في سبيل تحقيق النصر،  والسير على درب الشهداء حتى النصر، وشعارهم دوماً "الشهادة أو النصر".

           تقرير : منى معراوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق