الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

مضايا من الحصار والجوع إلى السحايا والتغيير الديموغرافي

الأسد يبدأ بابتلاع مضايا ضمن سياسة التغيير الديموغرافي.. وأهالي البلدة يقولون " أين هي انسانيتكم الذين تدعون بها؟"

في رقعة جغرافية من سوريا، يواصل الأسد وبمساندة من مليشيات "حزب الله " بدق المسامير في تابوت "مضايا"، مستمرين بإحكام الحصار المميت على البلدة الواقعة في ريف دمشق الغربي، وفي ظل موقف دولي متذبذب، وغياب لمبادرات جِدية تُقنع المسؤولين عن الحصار بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية، يُلاحظ التكتم الإعلامي الموالي للأسد حول ما يحصل في مضايا وغيرها من البلدات المحاصرة في سوريا.

سبل الموت بدا واضحاً ما حل بالمدنيين في مضايا، فمنهم من ارتقى نتيجة سوء التغذية، والبعض منهم جراء الألغام المزروعة حول البلدة، فضلاً عن طريقة الموت الجديدة التي احتلت وتصدرت في وسائل الإعلام، "الكواشيركور" المرض الذي دق على أبواب القاطنين في مضايا.

يقول الدكتور "محمد يوسف" –وهو مدير الهيئة الطبية لبلدتي مضايا وبقين: "بدء مرض الكواشيركور على إثر سوء التغذية الشديد، وفقر السلة الغذائية المقدمة من الهلال الأحمر والأمم المتحدة، حيث كان يتواجد مادتين النشويات والبقوليات فقط ضمن المساعدات التي تدخل إلى البلدة".

ويتابع يوسف، كان لدينا في النقطة الطبية الموحدة في المنطقة حوالي 600 طفل مصابين بالمرض، وتم مراجعة المشفى فوق الـ2000 حالة معممة بشكل عام، من مختلف الفئات العمرية، مشيراُ إلى أعراضه بما فيها انتفاخات في البطن والوجه والأطراف.

وعن حالات بتر الأقدام، يقول "حسام اليتيم" عضو الهيئة الإغاثية الموحدة في بلدتي مضايا والزبداني: "تعرضنا لأكثر من 10 حالات بتر أقدام من الأطفال والشبان والمسنين، وتوجد حالة استشهاد طفل إثر بتر قدمه ومن ثم النزيف إلى الموت، لم تستطع الكوادر الطبية تقديم المساعدة الكافية للطفل، نتيجة عدم التجهيزات بالأدوية، حيث أن الطفل كان بحاجة للنقل إلى مشفى خاص وأطباء متخصصين".

فيما استشهد بما يقارب الـ70 مدني من أطفال ونساء وشيوخ وشباب إثر سوء التغذية الشديد، كما أنه يتوجب نقل 50 حالة حرجة من البلدة، معظمهم كبار في السن يعانون من أمراض ضغط وقلب، وتوجد عدد من حالات الأطفال حديثي الولادة يتوجب نقلهم بشكل سريع إلى المشافي الصحية في العاصمة دمشق لسوء حالتهم، فيما أنه يوجد عدد من السيدات المصابين بسرطان الرحم، وحالات أخرى مثل إجراء عمليات قيصرية تحت مراقبة قلبية دقيقة جداً إثر المشاكل القلبية لدى السيدة، بحسب ما صرَح به الدكتور "محمد يوسف".

الهروب من الموت إلى الموت يتحدث الدكتور محمد عن حالة الشاب "محمد شعبان" الذي كان ضحية العلاج الذي تلقاه في العاصمة دمشق، بقوله: "محمد شعبان يبلغ من العمر 17 عاماً، ومنذ ما يقارب خمس شهور خرج الشاب لإحضار الحطب من قرب حواجز النظام، ونتيجة اقترابه من الحواجز تعرض الأخير لطلق ناري وأصيب في بطنه".

ويتابع اليوسف، بعد عدة مناشدات من البلدة تم إخراج محمد إلى مشفى في دمشق، وبعد نجاح العملية قامت مليشيات حزب الله اللبناني والأفرع الأمنية في العاصمة بتعذيب الشاب بشكل عنيف، مما تسبب في خلل بالدماغ،وبعد أن عاد "محمد شعبان" إلى مضايا دخل إلى السجن الكبير وتعرض لسوء تغذية شديد، ومن ثم خضع للسيرومات الملحية وأمبولات الفيتامين والسوائل، لكن جسده لم يستجب لأي علاج، وعلى إثر سوء التغذية وإصابته مسبقاً وتعرضه للتعذيب في دمشق، أرتقى محمد شهيداً.

بدوره يقول "جواد المضاوي" أحد الناشطين الإعلاميين في البلدة: "إن الموت لم يقتصر فقط إثر سوء التغذية أو الكواشيركور، فيوجد عدد من الشبان حاولوا الخروج من مضايا لكنهم استشهدوا إثر الألغام المزروعة حول البلدة، ليرفع عندها حزب الله سواتر حول البلدة ويجعل البقعة التي أصبحت كـ مقبرة للموت "سجن كبير" يستحيل الخروج منه"، كما دق أبواب مضايا مرض السحايا لتبدأ معاناة جديدة".

"لاحياة لم تنادوا "يقول الدكتور محمد يوسف مدير الهيئة الطبية لبلدتي مضايا وبقين: "تقريباً بشكل يومي نناشد الهلال الأحمر والأمم للدخول إلى البلدة ومعاينة المصابين بشكل مباشر، لإخراج الحالات الحرجة، ولم نرى آذان صاغية للنداءات التي توجهنا بها".

من جهته يشير "حسام اليتيم" إلى أن أهالي مضايا يناشدون بصوت واحد "أين هي إنسانيتكم الذين تدعون بها؟"، مشيراً إلى أن النظام ليس بيده الحل والربط في مضايا، فإنهم يعدون رهائن لدى حزب الله، وقد قاموا بربط مصيرهم بمصير بلدتي كفريا والفوعة.

فيما يذكر أن حزب الله يحاول السيطرة على منطقة الزبداني منذ عام 2000، حيث قام بإنشاء معسكر له في سهل مضايا، وبين الرغبات يوجد أهالي محاصرون يعانون الأمرين من الجوع فلا ناقة لهم ولا جمل ولا حياة لمن يناشدون.

من جانبهم، يؤكد فراس الحسين وهو مدير المكتب الإعلامي في مضايا، أنهم ناشدوا أكثر من مرة لإخراج الشاب "محمد شعبان" قبيل استشهاده، لكن دون جدوى، وذكر الحسين أن الحزب دخل قبل وفات الطفل بثلاث ساعات فقط، وكانت الحجة لعدم إخراجه هو الربط بين مضايا والفوعة.
كما توجه الإعلامي "جواد المضاوي" برسالة للمجتمع الدولي بقوله: "نتوجه برسالة للمجتمع الدولي بأننا قد مللنا من نداءات الإستغاثة ومن الوعود الفارغة بمساعدتنا لإخراج المرضى والجرحى، خصوصاً بعد أن سمعنا كلام المندوب الإيراني المفاوض الذي قال بدوره: "لن أسمح لجريح أو مريض أن يخرج من مضايا إلا وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة".

مضايا ورقة "الأص" بين أيدي النظام وحزب الله
تنضوي مضايا تحت أهمية كبيرة بالنسبة لقوات الأسد، لكونها ورقة ضغط على الثوار بيده مقابل فك الحصار عن الفوعة وكفريا، بالتزامن مع محاولة الأسد جعل البلدة الحديقة الخلفية له ولمخططاته الطائفية، فهي منطقة مليئة بالخيرات ومحاذية للحدود ولطريق دمشق – بيروت الهام جداً بالنسبة للنظام، بحسب ما قاله "فراس الحسين" مدير المكتب الإعلامي في مضايا.

ومن جهته، يشير الناشط الإعلامي جواد المضاوي، أن النظام يستمر بسياسة الكذب والخداع فهو عرض على الكثير إخراجهم من الحصار؛ مقابل خروجهم مسيرات أمام إعلامهم الكاذب والتكلم بأن المسلحين هم من يحاصروهم.

ويتابع المضاوي، هناك بلودان وسرغايا، فإن بلودان يتذرع النظام بحمايتهم كونهم من الأخوة المسيحيون، وسرغايا التي تعد مستودع سلاح ضخم وطريق إمداد لحزب الله اللبناني.

وعن التهجير القصري في البلدة فبرأي فراس الحسين، أن النظام وحزب الله اللبناني يتبعون سياسة التغيير الديموغرافي كحل أخير للإنتصار على الأهالي الذين ضحوا بفلذات أكبادهم وخيرة أبنائهم.

كما أن الحزب ينوي إخلاء البلدة ليقطن بها المقاتلين المتواجدين في المنطقة، والنية الثانية لتهجير أصحاب البيوت الأساسيين وأصحاب الحق بها، كما قام الأخير مؤخراً بتحويل جامع بلدة "الحوش الكبير" إلى حسينية لهم، بحسب ما ذكره فراس الحسين.

        تقرير :  مرح الشامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق